فؤاد بلحسن - تدقيق مدى حسن أداء المكتبة العمومية المحلية «أ»
جامعة محمد
الخامس – أكَدال
belahcenfouad@gmail.com
«في عالم معقد،
سريع التغير، محدود الموارد
ومتعدد الشكوك،
هناك حاجة للرقابة على الأداء»
المعيار 3000، منظمة
الإنتوساي.
هذه الدراسة بمثابة تقرير تدقيقي
لمدى حسن أداء مكتبة عمومية محلية، والتي ستسمى لاحقا بـ «المكتبة أ»، «المكتبة»
أو «المنظمة».
والمكتبة «أ» هي عبارة عن مرفق
ثقافي تابع لمجلس بلدي[1]. يسهر على تدبيرها حوالي 8
أفراد [مديرة[2]، أربعة موظفين جماعيين[3] وثلاثة مستخدمين تابعين
لمؤسسة الإنعاش الوطني[4]]. توجد الآن في مقرها
الجديد منذ سنة 2006، والذي يغطي مساحة مسورةً بحوالي 1200 مترا مربعا: 400 متر
مربع منها عبارة عن بناية من طابقين [طابق علوي؛ مخصص كقاعة للمطالعة؛ وطابق سفلي (تحت-أرضي)؛
يضم مَخزنا للكتب[5]،
ركنا لقصص وموسوعات الأطفال[6]، مقرا للإدارة، مكتبان ومغتسلا]،
أما المساحة المتبقية المحيطة بالبناية فهي عبارة عن مساحة خضراء. وفيما
يخص التجهيزات، فإن المكتبة تمتلك حاسوبين[7]، 5 مكاتب، شاشة تلفزية
كبيرة، مسجلة صوت، وحوالي 50 طاولة و70 كرسي.
عبر معاينة مختلف عملياتها، يلاحظ
أن المكتبة تسهر على القيام بمهمتين رئيسيتين: الأولى، توفير قاعة للمطالعة لفائدة
الرواد، والثانية إعارة الكتب.
وسيسعى الباحث - الذي سيتقمص هنا
دور المدقق أو مراقب الأداء - من خلال هذه الدراسة إلى «عرض معلومات وإجراء
تقييمات مستقلة وموضوعية حول أداء المكتبة «أ» خلال الفترة 2011-2014، بالاستناد
على أدلة كافية ومناسبة؛ وذلك بقصد تعزيز مبادئ الشفافية، الجودة والنجاعة بشكل
خاص، وقيم المرفق العمومي بشكل عام[8]».
وسيكون السؤال المنطلق بهذا الشأن
هو: ما مدى حسن أداء المكتبة «أ»؟
هذا السؤال، يمكن تصريفه إلى
الأسئلة الفرعية التالية:
ü هل يحرص العاملون داخل
المكتبة على تخفيض تكاليف التدبير ( تقييم مستوى الاقتصاد)؟؛
ü هل تتم إدارة العمليات
والإجراءات المعمول بها بصورة تحقق إنجاز المطلوب بأقل تكلفة ممكنة؟ وهل يمكن
تحقيق نتائج أفضل من خلال استعمال نفس الموارد؟ (تقييم مستوى الكفاءة)؛
ü هل يجري تحقيق الأهداف
المرجوة والأثر المنشود بالمقارنة مع النتائج المحققة والأثر الفعلي (تقييم
الفعالية)؟
ü هل يمكن وصف وسائل،
عمليات ومخرجات المكتبة بكونها ذات جودة (تقييم مستوى الجودة)؟
ü ما الذي يعيق إجراء تحسينات
جوهرية في أداء المكتبة (تقييم نمط
القيادة)؟
ويمكن تحديد دلالات المفاهيم
الرئيسية المستعملة على الشكل التالي:
حسن الأداء (أو الأداء الجيد أو
النجاعة): توصف منظمة ما بأنها ذات أداء جيد أو ناجعة عندما تحقق الاقتصاد
والكفاءة والفعالية في تحديد وتنفيذ خططها وبلوغ أهدافها. ويجري تدقيق أو مراقبة
أداء منظمة ما عبر تقييم ما إذا كان أداؤها يعمل وفق مبادئ ومعايير الاقتصاد
والفاعلية والفعالية المحددة في النصوص الجاري بها العمل و/أو في قواعد الممارسات السليمة
والجيدة.
الاقتصاد: تقليص تكلفة الموارد
المستعملة في نشاط معين مع مراعاة النوعية (الجودة) المناسبة[9].
الكفاءة (أو الكفاية أو الفاعلية):
العلاقة بين المردودية من حيث السلع، الخدمات والنتائج، والموارد المستعملة للقيام
بها[10].
الفعالية: أهمية الأهداف المنجزة
والعلاقة بين الأثر المتوقع والأثر الفعلي لنشاط معين[11].
الجودة: مجموع خصائص الخدمة أو
المنتوج التي تحقق رضى المستعمل. فهي تمثل البعد النوعي في ثلاثي الاقتصاد،
الكفاءة والفعالية.
القيادة: مجموع القرارات
والتوجيهات والإجراءات التي يقوم بها المستوى المسؤول عن التدبير في مختلف المراحل؛
من التخطيط إلى التقويم؛ بهدف ضمان بلوغ أهداف المنظمة.
وستنطلق
الدراسة من الفرضيات الثلاث التالية:
الفرضية
1: أدى غياب نظام فعال للمراقبة الداخلية، يستند إلى معلومات موثوقة وكافية
ومناسبة، إلى ارتفاع تكاليف التدبير وعدم تناسبها مع النتائج المحققة.
الفرضية
2: ساهم غياب كل من أهداف واضحة للتدبير ومؤشرات للقياس وبطاقات تقنية للمهام
الفردية إلى تحويل مسلسل التدبير إلى مجرد مسلسل عفوي يكتفي بما تحقق من نتائج بغض
النظر عما إذا كانت تعكس فعالية الأداء أم لا من جانب، وإلى ضياع المسؤوليات
الفردية من جانب آخر.
الفرضية
3: بسبب استمرار التركيز على تدبير الوسائل وليس النتائج، ظل نمط قيادة المنظمة
نمطا تقليديا بعيدا عن ثقافة قيادة المشروع ولا يرتقي بالأداء إلى مستوى الفاعلية
والجودة المطلوبين.
ولتجريب
هذه الفرضيات، ستعمد الدراسة إلى استخدام منهج تحليل النظم[12]، لما يوفره من إمكانيات في
تحديد عناصر المنظمة وتفاعلها فيما بينها، وتفاعل المنظمة، ككلٍّ، مع بيئتها المحيطة، وأخيرا تحديد العلاقة بين مدخلاتها
ومخرجاتها[13].
وبالتالي، رصد الطريقة التي عملت بها المنظمة على التكيف مع المتغيرات، تحقيق
أهداف الفاعلين المؤثرين في ديناميتها، تحقيق التكامل بين عناصرها، والمحافظة على
نمط أدائها.
ولجمع
الأدلة الرقابية الكافية والمناسبة (أدلة مادية، إفادية وتحليلية)، سيستعين الباحث
بمجموعة من التقنيات، ومنها: الملاحظة المباشرة، الملاحظة بالمشاركة[14]، الإفادات الشفاهية
والكتابية، المقارنة والإجراءات التحليلية. وسيجري ذلك من خلال الارتكاز على
المقاربة الرقابية المعروفة بـ «المقاربة بالمشكلات[15]».
ولا تخفى على الباحث الصعوبات
المفترضة على هذا الصعيد، لعل أهمها افتقار المكتبة الخاضعة للتدقيق لأرشيف خاص
بعملياتها وأنشطتها الإدارية، بالإضافة إلى طبيعة نظامها الإعلامي الذي يغلب عليه
الشفهي والارتجال وعدم التوثيق. ولتقليص هامش الخطأ وتأكيد التفاعلية اللازمة بين
الباحث، كمدقق، والمكتبة الخاضعة للتدقيق، سيتم اللجوء إلى عرض نتائج المراقبة قبل
نشرها على بعض المعنيين بتسيير هذه المكتبة.
٭ ٭
٭ ٭ ٭
أولا:
الاقتصاد (المحافظة على انخفاض التكلفة)
لا
تتوفر المسؤولة عن تدبير المكتبة – المديرة – صفة آمر بالصرف[16]؛ ولهذا فإنها لا تعد
مسؤولة مباشرة عن تدبير ميزانية المكتبة. غير أنها تبقى مسؤولة عن الطريقة التي
تدار بها الموارد المستعملة (الموظفون، التجهيزات، استهلاك الكهرباء والهاتف،
وغيرها).
وبالنظر
إلى نمط تدبير الموارد الجاري وفقه العمل، يمكن القول أن التفكير في تحسين طرق
تدبير الموارد المستعملة شكل موضوعا منسيا باستمرار – باستثناء، طبعا، المبادرة
التي تم اتخاذها انطلاقا من سنة 2013، والتي تمحورت حول إطلاق مشروع ربط المكتبة
بقناة مائية مصدرها المياه الجوفية؛ بهدف تخفيض مصاريف استهلاك الماء.
وعموما،
يمكن، على هذا الصعيد المتعلق بالاقتصاد، تسجيل مظاهر الخلل التالية:
√ إهلاك[17] سريع للأجهزة:
يجري
استعمال بعض الأجهزة خارج التفكير في أن أجل صلاحيتها يبقى محدودا، وبالتالي يتعين
الحفاظ على وتيرة مقبولة عند تشغيلها أو تشغيلها في الوقت المناسب.
وهذا
هو حال الطريقة التي يتم من خلالها استعمال الحواسيب؛ حيث عرفت الفترة 2006-2010،
إتلاف العديد منها، فانتقل عددها من 6 إلى اثنين فقط في الفترة 2011-2014،؛ بسبب،
تحديدا، كثرة الاستعمال، إبقائها موصولة بالتيار الكهربائي طول وقت الدوام، عدم
الصيانة وغياب أنظمة إلكترونية للحماية ضد الفيروسات. ونفس الشيء يمكن قوله
بالنسبة لمصابيح الإنارة.
وفي
مقابل هذه الطريقة من الاستعمال، نجد طريقة أخرى على النقيض منها؛ حيث سجل عدم
استعمال أجهزة أخرى متوفرة على امتداد الفترة 2006-2014 (إما كليا بالنسبة لشاشة
تلفزية كبيرة الحجم أوغالبا بالنسبة لمسجلة صوت – على سبيل المثال). فبسبب عدم
تحديد أدوار معينة لهذه الأجهزة، تم تعريضها للإهمال المستمر! ونفس الشيء يمكن
تأكيده بخصوص رفوف جذاذات المراجع؛ إذ ظلت، هي الأخرى، هيكلا بلا روح.
√ استعمال موارد ومرافق لأغراض خاصة:
خلال
الفترة موضوع الدراسة، جرى، بشكل منهجي ومستمر، استغلال العديد من الموارد
والمرافق التابعة للمكتبة لأغراض خاصة لفائدة العاملين. فمثلا، جرى حجز الطابق تحت-أرضي
بما يحتويه لمصلحة هؤلاء؛ حيث خُصصت بعض الحواسيب، المفروض أنها للاستعمال
العمومي، لفائدة الموظفين أنفسهم (3 حواسيب لثلاثة مكاتب)، بينما تم حجز الباقي منها
(3 حواسيب) بعيدا عن أنظار العموم الذين يتواجدون، حصرا، في قاعة المطالعة في الطابق
العلوي وتم اتخاذها كمخزون احتياط يتم اللجوء إليه كلما تَعطل أحد الحواسيب
الثلاثة الأولى. ومع الوقت، صار عدد الحواسيب المشغلة حاسوبين فقط، بينما تعطل
الباقي.
ولم
يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل جرى تحويل المغسل العمومي المتواجد في الطابق
تحت-أرضي إلى مغسل خاص، وتحويل غرفة صغيرة مجاورة له إلى مخزن لبعض الحاجيات
الخاصة بالموظفين؛ وبالتالي تم حرمان العموم من هذا المرفق الصحي أيضا.
ونفس
الشيء بالنسبة للطابعة الإلكترونية والهاتف، حيث تم استعمالهما في أغراض خاصة.
√ مقتنيات خارج منطق المنافسة:
ظلت
المكتبة لسنوات، منذ نقلها إلى مقرها الجديد سنة 2006 وحتى سنة 2010 تقريبا، لا تستفيد من الدعم
المالي المخصص لاقتناء كتب جديدة. وخلال الفترة 2011-2014، شرع المجلس البلدي، عن
طريق لجنته المكلفة بالشؤون الثقافية، في تخصيص مبالغ مالية شبه سنوية لهذا الغرض
(بين 5000 و 20000 درهم سنويا). ونتيجة لذلك، تم اقتناء العديد من الكتب خلال هذه
الفترة. إلا أن الملاحظ هو أن عملية الاقتناء تجري خارج منطق المنافسة، حيث لا يتم
الحصول على عروض أثمان من مصادر مختلفة لاختيار، من بينها، التكلفة المنخفضة
والمناسبة. إذ من شأن هذه الطريقة التي ترتكز على المنافسة أن تخفض التكلفة
الإجمالية للمشتريات.
وإلى
جانب هذا الخلل، يسجل على صعيد عملية اقتناء الكتب اختلالان آخران: يتمثل الأول في
أن عمليات الاقتناء تجري في ظل لامبالاة من قبل الإدارة والعاملين عموما؛ حيث
يتكلف أحد أعضاء المجلس البلدي (عضو باللجنة الثقافية المذكورة آنفا) لوحده تنفيذ
العملية في مختلف مراحلها (تحديد قائمة الكتب موضوع الاقتناء، تسلم المقتنيات،
أداء المبلغ المقابل). بينما يتمثل الخلل الثاني في أن معظم عمليات شراء الكتب تتم
بشكل ارتجالي وذاتي، إذ لا تتوفر الإدارة على قائمة محددة مسبقا حول الحاجيات
الحقيقية للمرتفقين سواء من خلال صياغتها على امتداد السنة تفاعلا مع طلبات
المرتفقين التي لم تتم تلبيتها أو من خلال إعدادها دفعة واحدة قُبيل عملية اقتناء
الكتب[18].
ولا
شك أن هذه الطريقة ستكون من نتائجها المباشرة، اقتناء العديد من الكتب التي لا تستجيب
للحاجيات الحقيقية للمرتفقين. وبالتالي، فإن هذا النمط من الشراء سيساهم في إجراء
مجموعة من عمليات الإنفاق التي لا منفعة من ورائها.
√ عدم ترشيد تدبير موارد أخرى:
بالنظر
إلى المهام الحالية التي تتولاها المكتبة[19]، وإلى حجم الأنشطة
المتطلبة لإنجاز هذه المهام، يبدو أن العدد الحالي للعاملين- وأخص بالذكر هنا
المكلفون بالتعامل مع المرتفقين- (وهو خمسة موظفين)، يزيد بكثير عن العدد الكافي
لذلك (وهو موظفان اثنان في أقصى تقدير[20]).
ولهذا،
فقد كان من آثار هذا التضخم في عدد العاملين مقارنة بالأنشطة المطلوب إنجازها أن
صار التغيب عن العمل حالة طبيعية يتم التفاوض بشأنه وتنظيمه بشكل ودي وسلس
وتناوبي. وهذا ما يؤشر على غياب التوافق بين مدخلات النظام ومخرجاته. وبالتالي،
كان من الفروض، والحالة هذه، إعادة تخصيص الفائض في مواضيع أخرى حيث يسجَّل عجز في
الموارد البشرية على مستوى مرافق أخرى تابعة للمجلس البلدي[21]. هذا من جهة.
ومن
جهة أخرى، وعلى صعيد تدبير فاتورتي الماء والكهرباء، يمكن استحسان المبادرة التي
قام بها المجلس البلدي على صعيد تدبير فاتورة الماء؛ حيث بادر، على الرغم من كل
الملاحظات التي تم تسجيلها على مستوى التأخر في التنفيذ، إلى إطلاق مشروع ربط
قنوات المياه الخاصة بالمكتبة بالمياه الجوفية (من خلال تجهيز البناية ببئر ومضخة
خاصين)؛ غير أن الطريقة التي ما يزال يتم من خلالها تشغيل الإنارة والحواسيب تحتاج
إلى إعادة نظر؛ حيث دأب العاملون على إشعال كافة المصابيح والحواسيب في الطابق
التحت-أرضي دفعة واحدة وبلا موجب، من أول الدوام إلى نهايته.
ثانيا:
الكفاية (الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة):
يمكن،
من خلال تقييم مدى توافق الموارد المستعملة
مع النتائج المحققة، تسجيل مجموعة من الملاحظات بشأن نظام مراقبتها
الداخلية، سياستها التواصلية ومستوى إنجازها وتقديرها لجودة الخدمات، وذلك من خلال
العناصر التالية:
√ نظام المراقبة الداخلية عاجز عن ضمان الكفاية:
يشمل
مفهوم المراقبة الداخلية عنصرين اثنين:
أ.
بنية المراقبة: أي الموقف العام والوعي والتصرفات
الصادرة عن الأطر العليا والمسيرين العمليين بشأن المراقبة الداخلية وأهميتها داخل
المنظمة؛
ب. إجراءات ومساطر
المراقبة الداخلية: وهي إجراءات تساهم في إنجاز الأهداف المسطرة[22].
وبمطابقة
هذين العنصرين على واقع نظام المراقبة الداخلية، على ضوء المعلومات المتوفرة بشأن
هذا الأخير، يمكن تسجيل الملاحظات والاستنتاجات التالية:
يجري
تنظيم وتسيير المكتبة في غياب أي مذكرة أو لائحة تنظيمية تحدد بعض القواعد والمناهج
والتوجيهات المطلوب العمل بمقتضاها أثناء مختلف العمليات. ولهذا، ظلت المكتبة منذ
سنة 2006، سنة نقلها إلى المقر الجديد، تعمل خارج أية مرجعية قاعدية أو رؤية موجِّهة
محددة سلفا من قبل المجلس البلدي باعتباره الجهة المسؤولة عن الإشراف العام. الأمر
الذي جعل كلا من القيادة والتدبير والمراقبة تخضع، بدرجة أساسية، للإرادة
الحرة للمديرة (=المتغير الرئيسي في معادلة
التدبير الداخلي). وبذلك، ومع الوقت، صار نظام المراقبة المعمول به أشبه بنظام
المراقبة داخل الأسر [توجيهات وعادات (قواعد غير مكتوبة)، ولي أمر (المديرة)،
توبيخ أبوي شفهي (نظام التأديب)، المحافظة على جميع الأفراد في جميع الأحوال (حماية
أسرة العمل)].
وخلال
الفترة موضوع الدراسة، لم يجر سد هذه الثغرة التنظيمية ذات المخاطر الكبيرة على
الأداء العام من قبل المديرة؛ عبر صياغة ورقة مرجعية عامة للعمل أو، في الحد
الأدنى، صياغة بطاقات للمهام الفردية، يكون من شأنها أداء دور الضابط للسلوك
التنظيمي للعاملين وتوجيهه نحو أهداف محددة سلفا بحيث تصير، هي نفسها، معايير لقياس
الإنتاجية. وفي غياب ذلك، ظل الارتجال هو سيد الموقف، والقاعدة المهيمنة هي «لكل
حادث حديث»، وتم تهميش النقاش الداخلي حول التفكير في سبل تطوير الأداء الداخلي
لتغيير مناخ العمل ورفع مستوى الإنتاجية.
وقد
دفع هذا الوضع التنظيمي الذي تقوده الارتجالية والمساطر غير المدونة وقواعد المراقبة
غير المعروفة إلى أن تفتقر المكتبة إلى نظام إعلامي للتدبير فعال وموثوق به. وهذه
بالتأكيد نتيجة طبيعة للوضع التنظيمي العام؛ فالمعلومة لا تشكل أي رهان تدبيري،
ولذا لا يجري جمعها، تخزينها أو تحليلها. ما هو العدد المتوسط الشهري لرواد
المكتبة؟ ما هو عددهم السنوي؟ ما طبيعة الكتب من حيث التخصصات المطلوبة التي لا
تتوفر عليها المكتبة؟ ما هو عدد الكتب التي تتم إعارتها سنويا؟ ما هي الحاجيات
التي يعبر عنها المرتفقون صراحة؟ كم هو عدد الكتب التي ضاعت خلال الفترة الزمنية
كذا؟ ما هي العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في تغيير عدد المرفقين المستهدفين
من قبل المكتبة زيادة أو نقصانا؟ ما هو الحجم الإجمالي للنفقات السنوية الكاملة
للمكتبة (أي، التكلفة الإجمالية للإنتاج)؟ إلخ، هذه الأسئلة ومثيلاتها يستطيع نظام
إعلامي بسيط حول التدبير توفير إجابات عنها، لكن على صعيد المكتبة موضوع التدقيق
لا يتم ذلك[23].
وقد
كان لهذا العجز نتيجتين مباشرتين:
الأولى،
انعدام إمكانية الرؤية بوضوح لدى إدارة المكتبة والعاملين عموما لواقع المكتبة (إنهم
لا يدرون بالتحديد ماذا يجري حولهم)؛
الثانية،
غياب أرشيف خاص بالمكتبة، يصلح لأن يكون منطلقا لرسم خطط تدبيرية جديدة وتحديث نمط
القيادة وتقييم تنفيذ العمليات والأنشطة والمهام (إنهم لا يدرون ماذا جرى سابقا،
وبالتالي لا يستطيعون تحديد ماذا سيجري لاحقا).
ومن
زاوية نظر أعلى بعض الشيء، يسجل ضعف تأثير المجلس البلدي – ورئيسه المسؤول تحديدا
– على مجريات تدبير المكتبة التابعة له سواء من حيث الإشراف أو المتابعة أو
التقييم، مع أنها مرفقا رئيسيا تابعا له وتكلفه أكثر من 231000 درهم سنويا (دون
احتساب إهلاك الأجهزة والبناية، تكاليف الصيانة والتعويضات المناسباتية)[24]. فعلى امتداد الفترة التي
تغطيها الدراسة، لم يجر رئيس المجلس المذكور أي زيارة ميدانية للمكتبة للوقوف على
واقع التدبير فيها[25]، كما أنه لا يطالبها بأي
تقارير متابعة أو تقارير للأنشطة السنوية. ولم يُجر أي تدقيق داخلي بشأن أدائها،
وكذلك لم يفعل المجلس الأعلى للحسابات رغم زياراته المتكررة للمجلس البلدي
وللمرافق التابعة له.
وبسبب
كل هذه الثغرات التي ظهرت في نظام المراقبة الداخلية، برزت العديد من الظواهر
الغريبة وغير القانونية، ومنها: «عطلة رمضان[26]».
ولهذا
كله، وفي ظل افتقار نظام القيادة المعمول به لإجراءات لحث العاملين على تحسين
الأداء، جرى التواطؤ ضمنيا، من الجميع ولمصلحة الجميع، على أن الحد الأدنى الضروري
يكفي.
√ سياسة تواصلية لا تساهم في الرفع من الإنتاجية:
يرتكز
الأداء التواصلي تجاه المرتفقين على مقاربة تواصلية تقليدية؛ حيث يُختزل التواصل، في
معظم الحالات، في عملية واحدة: الاستقبال الذي يتم في عين المكان. فالمسؤولون عن
تدبير المكتبة يعتقدون أن مهامهم تتوقف عند باب البناية، ويُلقون بالمسؤولية
الكاملة في ما وراء الباب على المرتفق نفسه؛ فهو، في نظرهم وبناء على ما يُظهره
سلوكهم التواصلي، من يتعين عليه البحث عن الخدمة المقدمة بالمكتبة والاستفادة
منها. بيد أن هذا المنطق يخلو من أي توجه قائم على فكرة تسويق المنتوج (كيف يمكن
التعريف بالمنتوج لدى الفئة المستهدفة
حيثما كانت؟ - سؤال مغيب) ويخلو كذلك من هم رفع الإنتاجية (كيف للسياسة التواصلية
أن تسهم في الزيادة في حجم الإنتاجية المنتظرة؟ - سؤال آخر مغيب). وقد كان من
نتيجة ذلك أن العديد من الطلاب والتلاميذ والقراء والمهتمون بالثقافة عموما يجهلون
تماما وجود هذه المكتبة أو مكانها أو، في الحد الأدنى، يجهلون طبيعة الخدمات التي
تقدمها. والجانب الأكبر من هذه المسؤولية يتحملها، بدون شك، المسؤولون عن المكتبة.
ويمكن
ذكر بعض الأمثلة لجوانب قصور السياسة التواصلية المعمول بها في التالي:
·
تم إنشاء حساب تفاعلي على أحد شبكات التواصل الاجتماعي
منذ غشت 2011، غير أن حجم المواد المنشورة به خلال هذه الفترة يعبر عن اللامبالاة وعدم
الجدية الذين تم التعاطي معه بهما. حيث لا يتم تنشيط هذا الحساب بشكل مستمر، كما
أن أسلوب تسييره لا يحمل نظرة إبداعية للموضوع. ولهذا، بقي عدد أصدقاء الحساب بين
الفترة غشت 2011 وأبريل 2015 في حدود 817 صديقا، أي بمعدل 222 صديقا جديدا سنويا.
وهو عدد ضعيف، يعكس وتيرة نمو ونشاط متواضعين جدا؛
·
لا تبادر المكتبة إلى نشر إعلانات تعريفية بالمكتبة وبخدماتها[27] في مقرات المؤسسات
التعليمية، التربوية، الثقافية والفنية (مثلا، الإعداديات، الثانويات، دور الشباب،
مراكز خدمات الشباب، الإدارات العمومية المتعلقة بالثقافة والشباب،...)؛
·
لا تحرص المكتبة على عرض
الإمكانات التي تتوفر عليها لدى النوادي والجمعيات الثقافية والفنية والعلمية، كما
أنها لا تعمد إلى نشر بعض التقارير أو النشرات الإخبارية حول بعض أنشطتها على
صفحات الجرائد المحلية الورقية والإلكترونية؛ ولهذا يلاحظ غيابها الكامل في النقاش
العام المحلي الجاري في الأوساط الثقافية والفنية والعلمية. وذلك على عكس ما تحتله
دار الشباب الرئيسية بالمدينة من موقع داخل هذا النقاش العام، على سبيل المقارنة.
ويزيد من صعوبة إيجادها لموقع لها داخل هذا النقاش العام، افتقار المكتبة لقاعدة
بيانات بالعناوين البريدية وأرقام هواتف النوادي والجمعيات العاملة بالمدينة؛ المر
الذي أفقدها قنوات مؤسسية للتواصل مع هذه الهيئات.
√ العلاقة مع المرتفقين
في حاجة إلى التحسين والإبداع:
بالنظر
إلى نمط التعاطي مع المرتفقين داخل المكتبة، يظهر أن العاملين بها لا يتعاملون بمساواة
بين جميع المرتفقين، سواء بالنسبة لشروط الانخراط أو بالنسبة لتقديم الخدمات. فعلى
مستوى شروط الانخراط، يلاحظ أنها تكون ضرورية بالنسبة للبعض، وغير ضرورية بالنسبة
للبعض الآخر[28].
أما على مستوى تقديم الخدمات، يجري، مثلا، السماح للبعض بتجاوز الآجال القانونية
لإعارة الكتب بينما يتم التشدد مع الباقي، كما أنه يجري السماح للبعض باستخدام
الحواسيب دون غيرهم.
ويلاحظ
أيضا أن بعض العاملين - من بينهم المديرة - يتعامل مع الشبان الرواد للمكتبة لا
على أساس أنهم مرتفقون يستأهلون الاحترام الضروري وخدمة ذات الجودة، بل على أساس أنهم
تلاميذ يمكن توبيخهم، إخراجهم من قاعة المطالعة قبل الوقت القانوني، أو حتى
حرمانهم من بعض حقوقهم الثابتة في الحصول على الخدمات[29].
وفي
هذا الإطار أيضا، يمكن تسجيل أن الطريقة التي تم بها تقسيم مرافق وتجهيزات المكتبة
لا تساهم في جعل المكتبة منظمة منفتحة على مرتفقيها؛ حيث جرى تقسيم مكوناتها إلى جزئين:
جزء تحت-أرضي، يضم – وعمليا، يُخفي – جميع التجهيزات والمرافق (الحواسيب، رفوف
الكتب، ركن الطفل، المرفق الصحي) ومقر الإدارة (مكتب المديرة) وأغلبية الموظفين
الذين يحضرون عادة. بينما يضم الجزء العلوي ركنا مخصصا لاستقبال المرتفقين وقاعة
للمطالعة تضم الكراسي والطاولات لا غير؛ فهذا الحيز الكبير خال من أي علامة دالة
بقوة على طبيعة المنظمة وخدماتها، كما أنه يعطي الانطباع على كونه مجرد قسم دراسي
لا مكتبة عمومية أو مرفقا ثقافيا[30].
ويمكن
تسجيل على نفس هذا الصعيد، إغلاق – بشكل إرادي أو لا إرادي[31]- الساحة
الخارجية المحيطة بالبناية[32] في وجه النوادي والجمعيات
المحلية قصد تنظيم بعض الأنشطة الفنية والتربوية والترفيهية أو غيرها. وهكذا، لم
يجر استعمال هذا الفضاء للرفع من إنتاجية المكتبة عبر تسهيل ودعم إقامة فعاليات
ثقافية تحت الهواء الطلق.
√ الجودة .. البعد المغَيب
إلى
وقت قريب، وتحديدا إلى النصف الأول من سنة 2014، كان رواد المكتبة يُضيعون الكثير
من الوقت في البحث عن المراجع والوثائق التي يرغبون في مطالعتها او إعارتها. إذ ظلت
المكتبة لأزيد من 7 سنوات، انطلاقا من تاريخ نقلها إلى المقر الجديد، بلا قائمة محيَّنة
للمراجع والوثائق التي تتوفر عليها، بل وبلا ترتيب رقمي أو، بدرجة أقل، موضوعاتي
دقيق لهذه المراجع. فقد كان يعَوَّل، بدرجة أساسية، على ذاكرة هذا العامل أو ذاك
أو على جُهد الزائر نفسه في البحث بين الرفوف.
والآن
تتوفر المكتبة على قوائم مُحينة ورفوف مرتبة من حيث الترقيم والموضوعات، حيث توصلت
إلى هذه النتيجة بعد عملية مكثفة انكب خلالها، ابتداء من أواسط سنة 2014، جميع العاملين،
بمساهمات متفاوتة، على إعادة النظر في الفوضى القائمة.
غير
أن المجهود الإيجابي الذي بذل على هذا الصعيد يبدو أنه في حاجة إلى أن يتم استكماله
بأعمال أخرى قصد تجويد الخدمات وتسهيل الولوج إليها بصورة أفضل؛ حيث ما تزال عملية
رقمنة هذه القوائم ونشرها إلكترونيا لفائدة العموم تسجل تعثرا أو ربما عرقلة
لأسباب يصعب تفسيرها[33]. ولا شك أنه من شأن رقمنة
هذه القوائم أن يسهم بتجويد خدمة تسليم الكتب وإعارتها والاطلاع عليها بشكل أفضل
وفي أقل وقت ممكن. هذا من جهة.
ومن
جهة أخرى، يُسجل على إدارة المكتبة أنها لا تعقد أي اجتماعات دورية داخلية لمتابعة
التسيير أو لتطويره. فمثلا، لا تنظم حلقات لبحث سبل تطوير الجودة[34]، لجمع وتحليل المعطيات
بشأن الحاجيات المعبر عنها من قبل المرتفقين، أو لتحسين الأداء عموما. ولهذا لا
نجد لدى إدارة المكتبة أي وثيقة حول، مثلا، آراء المرتفقين في الخدمات المقدمة، أو
قائمة بالكتب المطلوب توفيرها في المستقبل بالنظر إلى الطلبات المتزايدة بشأنها وحاجة
المرتفقين إليها، أو نسباً محدِّدة لطبيعة التخصصات المعرفية الأكثر طلبا من لدن
القراء أو غيرها من المعلومات النوعية التي من شأنها تحسين جودة الأداء.
√ مخاطر بالجملة!
لا يضمن
نمط القيادة ونظام المراقبة الجاري العمل بهما وقاية كافية من المخاطر المحيطة، بعمليات
التدبير والمراقبة على حد سواء.
ولنعطي
مثالا بواحد من أهم العمليات التي تقوم بها المكتبة، وهي تقديم الكتب للمطالعة في
عين المكان أو إعارتها لمدة معينة. فبالنظر إلى الطريقة التي تتم بها هذه العملية،
يسجل أن احتمال ضياع الكتب يبقى كبيرا. إذ أن العاملين كثيرا ما يُـقدِمون على
إعارة الكتب لأشخاص غير مسجلين بشكل قانوني كمنخرطين أو أنهم يقومون بإعارتها
لمجرد أن صاحب طلب الاستعارة هو أحد موظفي المجلس البلدي أو أنه من الأشخاص
المعروفين لدى العاملين بالمكتبة.
كما
يمكن التأكيد على اختفاء العديد من الكتب من مخزن المكتبة على يد بعض العاملين بها
أنفسهم، دون أن يستطيع نظام المراقبة المعمول به تجنب ذلك أو استرداد هذه الكتب
الضائعة.
ومن
ناحية أخرى، وبالنظر إلى حساسية المكتبات عموما للنيران، كان من المفروض أن يتم
توفير نظام خاص للوقاية منها أو، في حد أدنى، قنينات لإخماد النيران المتوقعة في
كل حين. غير أن الحال غير ذلك[35].
√ إنتاجية ثابتة يمكن أن تصير أفضل
يكتفي
العاملون بأداء ما جرت العادة على أدائه، وبالتالي تحقيق، تقريبا، نفس النتائج
السابقة. وعلى الرغم من إمكانات التطوير البادية - والتي يمكن أن تبدأ بسد الثغرات
التنظيمية المذكورة أعلاه- لا يشكل رفع الإنتاجية هما كبيرا بالنسبة للإدارة
والعاملين عموما.
يمكن،
في البدء، ملاحظة أن عملية نقل المقر من داخل المدينة إلى أطرافها، وإن لم يؤد إلى
إحداث تغيير جوهري أو تقليل أنشطة المكتبة من حيث طبيعتها، فإنه لا محالة، قد أدى
إلى تخفيض عدد الرواد ودرجة قرب المكتبة من الفئات المستهدفة من قبلها[36]. نتوصل إلى هذه النتيجة
ليس فقط عبر المقارنة في الزمن، ولكن أيضا بالمقارنة مع مكتبات عمومية أخرى.
فمثلا، عند مقارنة حجم نشاط وعدد رواد وتنوع خدمات المكتبة «أ» التي تغطي مدينة بكاملها
بالمكتبة «ب» - وهي مكتبة بأحد الأحياء في مدينة مجاورة - يبدو الفارق كبيرا. فهذه
الأخيرة تشهد إنتاجية أكبر بالرغم من أنها تغطي حيا واحدا فقط.
هل
تستطيع المكتبة «أ» تحقيق إنتاجية أكبر بنفس الموارد المستخدمة (أي نفس المدخلات)؟
الإجابة، بنعم! كيف؟
لقد ثبتت،
حتى الآن، مجموعة من الاستنتاجات:
ü عدد الموظفين يزيد عن
حاجات المهام الحالية التي تنهض بها المكتبة؛
ü
"خصخصة" داخلية للعديد من المرافق والخدمات التي تقدمها،
ومنعَها على العموم؛
ü عدم توسيع أنشطة
المكتبة لتغطي أنشطة أخرى (تنظيم أنشطة فكرية، تنظيم معارض فنية، شراكات مع
جمعيات،...)؛
ü إلخ.
إن
مظاهر الخلل والقصور هذه، حدت من إنتاجية المكتبة، وجعلت المخرجات لا تتناسب مع
المدخلات المستهلَكة.
وهذا
ما يدفع للقول أنه كان من الممكن تحقيق النتائج ذاتها باستعمال موارد أقل، كما أنه
كان من الممكن استعمال الموارد ذاتها لتحقيق نتائج أفضل كما ونوعا.
ثالثا:
الفعالية (تحقيق الأهداف والغايات المعلنة)
يجري
تدبير الموارد داخل المكتبة بمقاربة موجهة نحو تدبير الوسائل، حيث تغيب ثقافة
النتائج بشكل تام. وهذا ما انعكس على اختياراتها ودينامية عملها ومخرجاتها.
فخلال
الفترة موضوع الدراسة لم تبادر المكتبة إلى تحديد أهداف لأدائها؛ إذ لم تشهد أي
وضع لاستراتيجية أو مخطط عمل أو برنامج أو مشروع، وبذلك افتقرت إلى رؤية وأهداف
محددين لأدائها. وفي الواقع، كان هذا هو الحال منذ سنة 2006، سنة الانتقال إلى
المقر الجديد. وإذا كان المجلس البلدي يتحمل، على هذا الصعيد، جانبا من المسؤولية
بالنظر إلى أنه يُبقي المكتبة خارج أعمال برنامجه الثقافي العام، كما أنه لا يحدد
لها؛ عبر مذكرات توجيهية؛ الأهداف المنتظرة منها، فإن الجانب الأكبر من المسؤولية
يبقى على عاتق إدارة المكتبة.
√ تدبير بلا أهداف
لنتمكن
من الوصول لاستنتاجات ذات أهمية، استنادا إلى أدلة كافية ومناسبة، يمكن تحديد
الأهداف الافتراضية التالية كأهداف للمكتبة، باعتبارها تمثل أهداف الحد الأدنى
المنتظر من مكتبة بنفس وضعيتها وإمكانياتها[37].
-
الهدف1: الاستجابة لحاجيات القراء من المراجع في جميع
التخصصات المطلوبة؛
-
الهدف2: التحسيس بأهمية الكتاب والعمل الثقافي عموما؛
-
الهدف3: جعل المكتبة فضاء يعزز جهود العمل الثقافي
المحلي.
ويمكن
تحديد المؤشرات التالية، كأساس لقياس مدى تحقق الأهداف المذكورة:
مؤشرات
الهدف1:
• عدد الكتب المعارة
سنويا؛
• عدد الكتب الضائعة
سنويا؛
• نسبة طلبات المراجع
والإعارة التي يتم تلبيتها مقارنة إلى تلك التي لا يتم تلبيتها.
مؤشرات
الهدف2:
• عدد الزيارات الجماعية
المنظمة لفائدة التلاميذ سنويا؛
• عدد الكتب المتبرع بها
سنويا لفائدة المكتبة؛
مؤشرات
الهدف3:
• عدد التظاهرات
الثقافية والفنية المنظمة سنويا بالمكتبة؛
• عدد التظاهرات
الثقافية والفنية المنظمة سنويا بشراكة مع المكتبة.
وهكذا،
وبالنظر إلى هذه الأسس الافتراضية والقياسية، وإلى واقع التدبير داخل المكتبة،
يمكن تسجيل الملاحظات والاستنتاجات التالية:
لا
يوفر لنا النظام الإعلامي للتدبير أي معلومات حول نتائج التدبير، والرقم الوحيد
الذي يمكن ذكره على هذا الصعيد، والذي تم استخراجه لأول مرة منذ سنة 2006، هو مؤشر
عدد الكتب المعارة خلال سنة 2004، حيث سجلت المكتبة ما قدره 800 كتاب معار. بينما
لا نتوفر على عدد الكتب الضائعة أو غير المسترجعة خلال السنة، وهي كثيرة على أي
حال. كما أنه لا يمكن تحديد، ولو على سبيل التقدير، عدد الطلبات التي لم يتم
تلبيتها بالمقارنة مع تلك التي تم تلبيتها.
أما
الزيارات الجماعية المنظمة لفائدة التلاميذ خلال الفترة 2011-2014، فيمكن تحديدها
في أقل من 3 زيارات[38]؛ وهو رقم ضعيف جدا، بالرغم
من أن هذا النوع من الأنشطة لا يحتاج إلى كثير من الجهد أو الموارد لتنظيمه.
وبالتالي فإن فعالية المكتبة على هذا الصعيد تبقى جدا. وإذا عدد الكتب المتبرع بها
سنويا ليس بالأمر العسير تحديده، فإن النظام الإعلامي القائم لا يوفر لنا هذا
المعطى أيضا.
بينما
لم يتم تنظيم أي تظاهرة ثقافية أو فنية من قبل المكتبة أو بشراكة معها (كمعرض
للكتاب، صبيحة أطفال، لقاء تواصلي تحسيسي حول القراءة أو الكتاب، أو غيرها) خلال
الفترة موضوع الدراسة؛ أي إننا أمام نتيجة صفرية بخصوص هذين المؤشرين.
√ التقييم .. الفريضة الغائبة
تتحرك
ماكينة التدبير داخل المكتبة بلا أهداف، كما أنها لا تتوقف، بين الفينة والأخرى،
لتحديد وصيانة الأعطاب!
هل
تستجيب الخدمات المقدمة لانتظارات المرتفقين؟ لم يَطرح، بشكل مؤسساتي، العاملون على
تدبير المكتبة هذا السؤال في يوم من الأيام. فوظيفة التقييم لا تجد لها موقعا داخل
الثقافة التدبيرية للمكتبة ولا أحد مهتم بمتابعة وتحليل التغذية الراجعة إلى
المنظمة.
لم
تنظم المكتبة قط استطلاعا للرأي حول أدائها على مستوى
الفئات المستهدفة (تلاميذ، طلاب، مثقفون، هيئات ثقافية، والقراء عموما). لم تحدِّد
ولم تـُـجَمع ولم تحلل المعلومات الضرورية لقياس هذا الأداء. لم تحدد المؤشرات
المناسبة لتقييم الأداء وما إذا كان يحقق الأهداف المرجوة. ويبدو أن كفاءات
العاملين ودينامياتهم (المديرة وباقي العاملين) تشكل المتغير الأساسي في استمرار
هذه الثغرات[39]؛
حيث يُسجل عدم تطابق واضح بين، أولا، شهاداتهم العلمية والمهام المنتظرة منهم، و، ثانيا،
بين ما يقومون به وما يستطيعون القيام به فعلا لرفع فعالية الأداء.
٭
٭ ٭ ٭
وبناء على كل ما سبق،
واستنادا إلى التأمل الكلي في نسق هذه المنظمة، يمكن طرح الاستنتاجات الكبرى
التالية:
v تُظهر التحليلات
أعلاه، وجود 4 اختلالات كبرى في نظام تدبير المكتبة «أ»، تحُد، بشكل جوهري، تحقيق الاقتصاد
والكِفاية والفعالية في أدائها. وهي:
1.
خلل كبير في نظام القيادة،
2.
خلل كبير في نظام مراقبة التدبير،
3.
خلل كبير في النظام المعلوماتي للتدبير،
4.
خلل كبير في نظام تقييم الأداء.
v خلال الفترة التي
تغطيها الدراسة (يمكن تعميم هذه الملاحظة لتغطي الفترة 2006-2015 كاملة)، خَلقت
دينامية المنظمة مقاومة خاصة ضد التغيير، كشكل من المناعة الذاتية. حيث يبدو أن
الإدارة والعاملين استلذوا الوضع القائم كما هو ورأوا في كل تغيير ممكن بمثابة
تهديد لبعض مصالحهم. ويمكن تلخيص عناصر "استراتيجية مقاومة التغيير" المتبعة للحفاظ على نسق المنظمة (أو الميثاق الضمني
والعلني للحفاظ على الوضع القائم) في التالي:
ü المكتبة بنية إدارية
أشبه بالجزيرة بالنسبة للإدارة الوصية (أي المجلس البلدي)، فهي نائية (من حيث
الجغرافيا وعين المُراقب)، هادئة (من حيث الزخم الإداري) ومريحة (من حيث حجم العمل
الذي ينجز)، ومن ثم وجب المحافظة عليها كما هي؛
ü ستبقى كذلك ما لم
تتحول إلى مصدر إزعاج بالنسبة للمجلس البلدي، ولكي لا تصير كذلك يتعين أن تلتزم المجموعة
العاملة ببعض التوجيهات:
1.
عدم طلب مخصصات مالية جديدة لفائدة المكتبة أو، إذا كان
ضروريا، طلب القليل؛
2.
يجب على العناصر العاملة (المديرة وباقي العاملين) أن تظل
على وفاق تام بشأن شؤون العمل؛
3.
كل الخلافات التي تنشأ يجب أن تتم تسويتها وديا وفي
الداخل، وللمديرة الكلمة الأخيرة في هذا الشأن.
ü إحداث تغييرات جذرية
تطويرية على مستوى الأداء قد يكون في غير صالح العاملين (زيادة في كم العمل، الحد
من الحرية في التغيب خارج القانون[40]، زيادة في الحاجيات،...).
وبالتالي، لا أفضل مما هو كائن ولو على حساب نجاعة المنظمة.
v من خلال نمط تفاعله المحدود
مع البيئة (عدم الإنصات للمرتفقين وعدم إشراكهم، ضعف تبني أدبيات النجاعة والحكامة
التي تشكل أحد محاور النقاش العمومي والخطاب الرسمي، عدم الاستجابة للتغذية الراجعة،...)،
عكـَـس نسق المكتبة نزعة كبيرة لمقاومة الانفتاح. فقد كرس، مع مرور الوقت، انغلاقه
على ذاته، كنسق مغلق مقاوم للتغيير يؤدي دوره الروتيني مرارا. حيث يمكن تـلخيص
عناصر هذا الدور في 1. التكيف الحذر القائم على فكرة «تفاعل الحد الأدنى مع
المحيط»، 2. تحقيق التكامل بين عناصره لضمان استقرار النسق؛ بالصورة التي
تؤكد التضامن الداخلي والحفاظ على الولاء، 3. الحفاظ على نمط الفعل القائم،
و 4. تحقيق هدف النسق والذي هو الإبقاء على الموجود كما هو موجود. وتعد هذه
العناصر الأربعة، في ظل أنماط القيادة والمراقبة والتسيير الجاري العمل بها، أكبر
دليل على دخول المنظمة مرحلة الموت السريري. وبالتالي، تظهر الحاجة العاجلة إلى أن
تجد ثقافة تحسين الأداء موقعها داخل نسق هذه المكتبة.
المراجع:









[2]- تتمثل مهمتها في
الإشراف العام على شؤون المكتبة.
[3]- تتمثل المهام
المطلوبة منهم، بدرجة أساسية، واستنادا
على ما تمت ملاحظته، في إعارة الكتب، التواصل وتقديم المعلومات للمرتفقين، مساعدة
المديرة والنيابة عنها في حالة غيابها، والقيام بمهمات إدارية وتنفيذية أخرى كلما
دعت الضرورة لذلك.
[4]- وهم يقومون بالمهام
التالية:
المستخدمة 1: استقبال زوار المكتبة، تسجيل
الكتب المعارة والمسترجعة، تبليغ المرتفقين شروط الانخراط، استقبال طلبات
الانخراط، مراقبة قاعة المطالعة والقيام بشؤون تنفيذية أخرى عند الضرورة.
المستخدم
2: بواب وحارس في توقيت الدوام العادي.
المستخدم
3: حارس ليلي.
[5]- في التخصصات العلمية
التالية: اللغة: 141 كتابا، القواميس: 320، الأدب: 2313، المعارف العامة: 146،
الفكر والثقافة الإسلاميين: 604، الفنون الجميلة: 59، الفلسفة: 385، التاريخ
والجغرافيا: 744، العلوم الاجتماعية: 1307، العلوم البحتة: 275، العلوم التطبيقية:
169. أي بمجموع: 6463 كتابا.
[6]- 750 قصة وموسوعة
للأطفال.
[7]- هذا في الفترة التي
يغطيها التقرير، أما قبل ذلك فقد كانت تتوفر على حوالي 6 حواسيب.
[8]- لن يكتفي الباحث
بكتابة هذه الدراسة ونشرها، وإنما سيعمَد إلى عرضها على المسؤولين عن تدبير
المكتبة؛ وذلك لتستكمل عملية التدقيق هذه دورتها كاملة (إجراء التدقيق ← صياغة التقرير ← التواصل بشأنه ← تحفيز التحسين داخل المنظمة الخاضعة للتدقيق).
[9]- مناهج وتقنيات الرقابة على المال العام، المحكمة
الأوروبية للحسابات، ترجمة: محمد حركات، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ط: 1،
2001، ص: 179.
[13] - بالتأكيد سينظر هنا
للمكتبة، كمنظمة، باعتبارها منظومة. والمنظومة (system) - أو النسق - كما عرفها گولدنر ألڤن، تعني مجموعة متناسقة تساهم سائر عناصرها
بأشكال مختلفة في الوصول لهدف واحد، ويتوقف بعضها عن البعض الآخر. وتتألف المنظومة
من مجموعة من منظومات فرعية. مذكور في: إبراهيم أبراش، المنهج العلمي وتطبيقاته في
العلوم الاجتماعية، دار الشروق، عمان، 2008، ص: 113.
[14] - سيستثمر الباحث هنا
سلسلة من عمليات التواصل والعمل مع العاملين في المكتبة لأزيد من 4 سنوات، حيث ساهم
خلالها، تطوعا وبطلب من هؤلاء، في تقديم العديد من الاستشارات ودعم العديد من
العمليات المتعلقة بالتدبير (مثلا: إحداث الصفحة التفاعلية الخاصة بالمكتبة، رقمنة
قوائم الكتب، وغيرها من المبادرات).
[15] - تهتم هذه المقاربة
بفحص المشكلات وتحليلها. وتمثل النواقص والمشكلات – أو على الأقل ما يدل على وجود
مشكلات – في هذه المقاربة نقطة الانطلاق لعملية الرقابة وليس خاتمتها. ويجري على
هذا الصعيد، العمل على فهم طبيعة المشكلات وأسبابها وانعكاساتها المعقدة الممكنة
المتعلقة بالاقتصاد والكفاءة والفعالية. ولا يعني هذا أنه سيجري استبعاد كليا
المقاربة المستندة على النظم أو المقاربة المستندة إلى النتيجة، وإنما وقع
الاختيار على المقاربة بالمشكلات لتناسبها مع خصوصية المنظمة موضوع البحث (لا
تتوفر على أهداف محددة للتدبير، لا تتوفر على لوائح تنظيمية معيارية، تعدد مظاهر
الخلل والانحراف بالنظر إلى الممارسات السليمة، إلخ). ولهذا، يمكن ملاحظة أن
افتراضات الدراسة قائمة على الإيمان بوجود مشكلات معينة. وللتفصيل بشأن أرضية
تحليل وأساليب البحث عن الأدلة والاستنتاج في هذه المقاربات كل على حدة، أنظر: «المبادئ الأساسية لرقابة الأداء» المعيار 300، المعايير الدولية للأجهزة
العليا للرقابة والمحاسبة، منظمة الإنتوساي، ص ص : 11-12. و«التوجيهات التنفيذية للرقابة المالية على الأداء»، المعيار 3000، نفس المعايير لنفس المنظمة، ص ص: 25-26.
[17] - إهلاك (إخماد، استهلاك، Amortissement) : الانخفاض التدريجي في قيمة أو
ثمن التجهيزات والأدوات عبر القدم والاستعمال.
[18] - في 17 مارس 2015،
أنجزت عملية اقتناء مجموعة جديدة من الكتب، فكانت المرة الأولى التي شهدت مساهمة
موظف من المكتبة في عملية تحديد قائمة هذه الكتب، غير أن عملية تحديد هذه الكتب
وعلى غرار سابقاتها، بشكل ارتجالي وذاتي لا يستند على أي تقدير موضوعي ومسبق للحاجيات
الحقيقية لدى المرتفقين؛ حيث جرى اختيار عناوين الكتب في محل المزود.
[19] - أذَكر بالمهام
التالية، التي سبق ذكرها، على سبيل الحصر: 1- توفير قاعة للمطالعة لفائدة الرواد،
وَ 2- إعارة الكتب.
[20] - حيث يكفي أن يتكلف
أحدهما بالشؤون الإدارية وأنشطة الدعم، فيحين يتكلف الثاني بأنشطة خدمة المرتفقين.
[21] - يتعين التأكيد هنا أن
هذا الاستنتاج ينطلق من زاوية تحليلية قائمة على اعتبار المهام التي تتعهدها
المكتبة حاليا، أما إذا تم توسيع هذه الزاوية لتشمل المهام الأخرى التي يمكن أو
مطلوب من المكتبة القيام بها، استنادا إلى نفس الموارد المتوفرة بمختلف أنواعها،
يصير العدد الحالي مناسبا وطبيعيا. وستتم العودة إلى هذه المهام الممكن أو المطلوب
القيام بها لاحقا.
[22]- مناهج وتقنيات الرقابة على المال العام، المحكمة
الأوروبية للحسابات، ترجمة: محمد حركات، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ط: 1، 2001، م. س. ص: 44.
[23] - في الفترة 2006-2014، أي خلال 8 سنوات كاملات،
كانت سنة 2014، السنة الوحيدة التي توفرت لدى المكتبة إحصاءات حول عدد الكتب
المعارة خلالها.
[24] - في غياب معطيات موثوقة، جرى احتساب هذا المبلغ الإجمالي استنادا إلى
تقديرات مرتبطة بثلاث عناصر: أجور الموظفين، فواتير الكهرباء، الماء والهاتف،
ونفقات شراء الكتب.
[26] - يمكن تلخيص هذه
الظاهرة في التالي: خلال شهر رمضان من كل سنة، يجري تنفيذ بنود «عقد غير مكتوب»، يستند على توافق صريح، يقضي بأن تتوقف الموظفات عن
العمل الشهر بأكمله، وخارج عطلهم الرسمية المقررة، ويتولى الموظفون الذكور المهام
عوضا عنهم، ليجري تعويض هؤلاء لاحقا، عند الضرورة، في أيام أخر وخارج احتساب عطلهم
الرسمية طبعا!
[27] - كأن تتضمن هذه
الإعلانات التعريفية العناصر التالية: عنوان وتموقع المكتبة، هاتفها، بريدها
الإلكتروني، اسم حسابها على شبكة التواصل الاجتماعي، الخدمات التي تقدمها،
الفضاءات التي تتوفر عليها، وغيرها من المعلومات المفيدة.
[28] - رَفض بعض العاملين بالمكتبة،
في أكثر من مرة، من الباحث نفسه الانخراط بشكل قانوني، وذلك بدعوى أنني لا أحتاج
لذلك للحصول على الخدمات باعتباري شخصا مقربا منهم ومعروفا لديهم!
[29] - على هذا الصعيد،
يمكن، بالتأكيد، استثناء بعض العاملين، وخاصة أحد الموظفين بالمكتبة؛ حيث يسجل
وجود تواصل جيد مع المرتفقين. غير أن نمط تعاطي جميع العاملين، وبدون استثناء، مع
حق المرتفقين في الحصول على خدمات ذات جودة وفي المساواة يحتاج إلى إعادة نظر
جوهرية.
[30] - في هذا الطابق المخصص
كمكان للاستقبال والقراءة، لا يوجد أي كتاب أو ملصق أو حاسوب مخصص للمرتفقين.
(ابتداء من شهر فبراير 2015، صار يوجد حاسوب
في هذا الطابق، لكنه محجوز لفائدة أحد المستخدمات وليس لفائدة المرتفقين!)
[31] - لا فرق في ذلك من
زاوية النتيجة على الأقل ! فهذه النتيجة لا شك أنها تحسم نقاشا غير جاد على
نمط «من الأسبق: البيضة أم الدجاجة؟!» (من المسؤول عن عدم تنظيم أنشطة في الهواء
الطلق في الفضاء المحيط بالمكتبة، أهي إدارة المكتبة ذاتها التي لا تحث ولا تشجع
الجمعيات على القدوم أم أن الجمعيات هي التي لا تقْدم على مبادرات من هذا القبيل؟
يرجح بعض العاملين في المكتبة الإجابة الثانية، فيحين قد يرى غيرهم أن هذا الجواب
مجرد هروب إلى الأمام، باعتبار أن مسؤولية إدارة المكتبة – أو جزء كبيرا على الأقل
من هذه المسؤولية – ثابتة، لأنها لا تتبادر إلى التعريف بمؤهلات هذا الفضاء ولا
تحث النوادي والجمعيات، عبر الإعلام والتنسيق والشراكة، على تنظيم فعاليات ثقافية
في هذا الفضاء.
[33] - يجدر التذكير هنا أن
النسبة الأكبر من مجهود الترقيم والترتيب والرقمنة الجارية كانت من نصيب مستخدمة
واحدة من مستخدمي المكتبة (وهي تابعة لمؤسسة الإنعاش الوطني)، بينما اكتفى باقي
الموظفين بتقديم يد المساعدة بين الفينة والأخرى. وهو ما يؤكد فرضية كون المكتبة
لا تُـفَعِّل إلا قدرا محدودا من مواردها.
[35] - في مطلع سنة 2014،
تسبب الحارس الليلي في نشوب حريق في بوابة المكتبة. وفي غياب وسائل للتدخل في هذه
الحالة، اعتمد على مجهوده الذاتي لإخماده. وقد التهمت النيران جزءا كبيرا من الباب
الرئيسي. ومن حسن الحظ، أن هذا الحريق نشب في الطابق العلوي، وليس في الطابق
السفلي حيث مخزن الكتب. ويمكن التأكيد هنا أن هذا الخطر ما يزال قائما، وبصورة
أشد، في الطابق السفلي، إذ أن العاملين يستعملون أجهزة تبعث النيران والحرارة
(جهاز تدفئة، قنينة غاز، مسخن غذاء كهربائي)، كما أن شبكة الربط الكهربائي تعرف
العديد من المشاكل التقنية وتسجل العديد من حالات العطل بين الفينة والأخرى بصورة
تهدد – على حد قول بعض العاملين أنفسهم- سلامة المرتفقين.
[36] - على هذا الصعيد، يمكن
ذكر بعض الآثار الجانبية الأخرى لنقل المقر. فقد أدى ذلك إلى أن جعل المكان الواقع
في طرف المدينة الشرقي، وسط غابة، يشكل تهديدا محتملا أو حقيقيا لبعض الرواد.
وفعلا، سبق لبعضهم أن تعرض للسرقة أو التهديد في طريقه من وإلى المكتبة.
[38] - يمكن القول أن سنة
2015 تعد سنة الانطلاق الفعلي لأنشطة الزيارات للمكتبة المنظمة لفائدة التلاميذ،
حيث تم تنظيم في أقل من 3 أشهر، 4 زيارات جماعية. ومع ذلك، يصعب القول أن
المبادرات المذكورة ترجع، أساسا، إلى أداء المكتبة نفسها وليس إلى مبادرة الغير
(أساتذة مثلا). فالمطلوب أن تكون هذه الزيارات نتيجة للأداء المباشر للمكتبة، سواء
من حيث المبادرة أو الدعوة أو الحث، حتى يمكن نسبتها مباشرة إلى أدائها الخاص كما
تقضي بذلك أدبيات التدبير المرتكز على النتائج وأدبيات تدقيق الأداء.
[40] - بهدف إتمام الدراسة بالنسبة للبعض، الحصول على
عطل إضافية بالنسبة للبعض الآخر، أو لغيرها من الأغراض بالنسبة لآخرين (كالسفر
وغيره).
تعليقات
إرسال تعليق